حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١٨
الترتيب العلي والمعلولي، ولم يتعلقا بالعلة في عرض المعلول وبالمعلول بلا وسط حتى يقال: إن الفاعل مضطر في فعله. فأول ما خلقه الله تعالى حقيقة بسيطة.. بوحدتها كل كمال وجمال وجف القلم بما هو كائن (1) وتم القضاء الإلهي بوجوده، ومع ذلك لما كان نظام الوجود فانيا في ذاته ذاتا وصفة وفعلا يكون كل يوم هو في شأن.
فحقيقة العقل المجرد والروحانية البسيطة المعبر عنها بنور نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) والملك الروحاني (3) صادر عنه تعالى بلا وسط، وهي بما أنها صرف التعلق والربط ببارئه - تعالى شأنه - تعلقا لا يشبه التعلقات المتصورة وربطا لا يماثل الروابط المعقولة يكون ما صدر عنها صدر عنه تعالى بنسبة واحدة، لعدم البينونة العزلية (4) بينه تعالى وبين شئ، لكونه تعالى صرف الوجود من غير ماهية، وهي مناط البينونة العزلية، وسائر الموجودات والعلل المعانقة لها لم تكن بهذه المثابة، فالحقيقة العقلية ظهور مشيته وإرادته، كما أن الطبيعة يد الله المبسوطة " خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا " (5). فمن عرف كيفية ربط الموجودات على الترتيب السببي والمسببي إليه تعالى يعرف أنها مع كونها ظهوره تعالى تكون ذات آثار خاصة، فيكون الإنسان مع كونه فاعلا مختارا ظل الفاعل المختار وفاعليته ظل فاعليته تعالى * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * (6).
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن تعلق إرادته تعالى بالنظام الأتم لا ينافي كون الإنسان فاعلا مختارا، كما أن كون علمه العنائي منشأ للنظام الكياني لا ينافيه بل يؤكده [34].
[34] قوله (قدس سره): " العلم تابع للمعلوم " اعلم: أنهم قسموا العلم إلى أقسام:

١ - مسند أحمد بن حنبل ٢: ١٩٧، مجمع الزوائد ٧: ١٨٩.
٢ - عوالي اللآلي ٤: ٩٩ / ١٤٠، أنظر بحار الأنوار ١٥: ٢٨ / ٤٨، و ٥٤: ١٩٩ / ١٤٥.
٣ - أنظر الكافي ١: ٢١ / ١٤، بحار الأنوار ١: ١٠٩ / ٧.
٤ - أنظر بحار الأنوار ٤: ٢٥٣ / ٧.
٥ - عوالي اللآلي ٤: ٩٨ / ١٣٨، عوارف المعارف، ضمن إحياء علوم الدين 5: 121.
6 - الإنسان (76): 30، التكوير (81): 29.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162