حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١١
الله * (والله هو الغني الحميد) * ولعل توصيف الغني بالحميد في الآية في المقام (1) إشارة لطيفة إلى ما أشرنا إليه سابقا (2) من أن المحامد كلها مختصة بذات الواجب الغني الذي بفنائه الذاتي أعطى كمال كل ذي كمال وجمال كل ذي جمال. فمبادي المحامد والمدائح منه وإليه و * (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ قدير عليم) * (3) [33].
[33] اعلم: أن إنكار المتكلمين إجراء قاعدة " الممكن ما لم يجب لم يوجد " في الفاعل المختار، خوفا من نفي الاختيار في الواجب تعالى عريق ينتهي إلى مسألة الحدوث والقدم في العالم. وإليك ما في " شرح الإشارات " للمحقق العلامة نصير الملة والدين الطوسي (قدس سره)، قال بعد كلام في رد اعتراضات الفخر الرازي على الشيخ (رحمه الله):
ثم قال - يعني الرازي - والتحقيق: أن الخلاف هاهنا بين الحكماء والمتكلمين لفظي، لأن المتكلمين جوزوا أن يكون العالم على تقدير كونه أزليا معلولا لعلة أزلية، لكنهم نفوا القول بالعلة والمعلول لا بهذا الدليل، بل بما دل على وجوب كون المؤثر في وجود العالم قادرا. وأما الفلاسفة فقد اتفقوا على أن الأزلي يستحيل أن يكون فعلا لفاعل مختار.
فإذن: حصل الاتفاق على أن كون الشئ أزليا ينافي افتقاره إلى القادر المختار، ولا ينافي افتقاره إلى العلة الموجبة، وإذا كان الأمر كذلك ظهر أنه لا خلاف في هذه المسألة.
أقول: هذا صلح من غير تراضي الخصمين، وذلك أن المتكلمين بأسرهم صدروا كتبهم بالاستدلال على وجوب كون العالم محدثا، من غير تعرض لفاعله، فضلا عن أن يكون فاعله مختارا أو غير مختار.
ثم ذكروا بعد إثبات حدوثه: أنه محتاج إلى المحدث، وأن محدثه يجب أن يكون

1 - فاطر (35): 15.
2 - تقدم في الصفحة 90.
3 - الحديد (57): 3.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162