الذي أنت عبده، أمن ملوك الأرض أم من ملوك السماء؟ وأخبرني عن ابنك أعبد إله السماء، أم عبد إله الأرض؟ فسكت.
فقال أبو عبد الله: قل! فسكت. فقال: إذا فرغت من الطواف فأتنا، فلما فرغ أبو عبد الله عليه السلام من الطواف أتاه الزنديق، فقعد بين يديه ونحن مجتمعون عنده. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أتعلم أن للأرض تحتا وفوقا؟ فقال: نعم. قال: فدخلت تحتها؟ قال: لا. قال: فهل تدري ما تحتها؟ قال: لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شئ. فقال أبو عبد الله: فالظن عجز ما لم تستيقن. ثم قال له: صعدت إلى السماء؟ قال: لا. قال: أفتدري ما فيها؟ قال: لا. قال: فأتيت المشرق والمغرب فنظرت ما خلفهما؟ قال: لا.
قال: فالعجب لك، لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب، ولم تنزل تحت الأرض ولم تصعد إلى السماء، ولم تخبر ما هناك فتعرف ما خلفهن، وأنت جاحد بما فيهن، وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟!
فقال الزنديق: ما كلمني بهذا غيرك.
قال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت من ذلك في شك، فلعل هو ولعل ليس هو.
قال: ولعل ذلك. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم، ولا حجة للجاهل على العالم، يا أخا أهل مصر تفهم عني. أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان ولا يستبقان، يذهبان ويرجعان، قد اضطرا ليس لهما مكان إلا مكانهما، فإن كانا يقدران