قالت الأساقفة: لا ترد هذه المسألة لعلها تشككك. قال بريهة: قلها يا أبا الحكم. قال هشام: أفرأيتك الابن يعلم ما عند الأب؟ قال: نعم. قال: أفرأيتك الأب يعلم كل ما عند الابن؟ قال: نعم. قال: أفرأيتك تخبر عن الابن أيقدر على حمل كل ما يقدر عليه الأب؟ قال: نعم. قال: أفرأيتك تخبر عن الأب أيقدر على كل ما يقدر عليه الابن؟ قال: نعم. قال هشام: فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان؟! وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه؟ قال بريهة: ليس منهما ظلم. قال هشام: من الحق بينهما أن يكون الابن أب الأب والأب ابن الابن، بت عليها يا بريهة!
وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاما ولا أصحابه. قال: فرجع بريهة مغتما مهتما حتى صار إلى منزله. فقالت امرأته التي تخدمه: ما لي أراك مهتما مغتما. فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام. فقالت لبريهة: ويحك أتريد أن تكون على حق أو على باطل؟! فقال بريهة: بل على الحق.
فقالت له: أينما وجدت الحق فمل إليه، وإياك واللجاجة فإن اللجاجة شك والشك شؤم وأهله في النار. قال: فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام. قال: فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه. فقال: يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع إلى قوله وتدين بطاعته؟ قال هشام: نعم يا بريهة. قال: وما صفته؟ قال هشام: في نسبه أو في دينه؟ قال: فيهما جميعا صفة نسبه وصفة دينه.
قال هشام: أما النسب خير الأنساب: رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم كل من نازعه في نسبه، وجده أفضل منه، لأن قريشا أفضل