السواد والبرانس، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة حتى نزلوا حول دكاني وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه، فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم، وعلى رؤوسهم برانسهم.
فقال بريهة: ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية فما عندهم شئ، وقد جئت أناظرك في الإسلام.
قال: فضحك هشام فقال: يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه، ذاك روح طيبة خميصة مرتفعة، آياته ظاهرة وعلاماته قائمة. قال بريهة: فأعجبني الكلام والوصف. قال هشام: إن أردت الحجاج فها هنا. قال بريهة: نعم، فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان؟ قال هشام: ابن عم جده (لأمه) لأنه من ولد إسحاق ومحمد من ولد إسماعيل. قال بريهة: وكيف تنسبه إلى أبيه؟ قال هشام: إن أردت نسبه عندكم أخبرتك، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك. قال بريهة: أريد نسبه عندنا، وظننت أنه إذا نسبه نسبتنا أغلبه. قلت: فانسبه بالنسبة التي ننسبه بها. قال هشام: نعم، تقولون: إنه قديم من قديم، فأيهما الأب وأيهما الابن؟
قال بريهة: الذي نزل إلى الأرض الابن. قال هشام: الذي نزل إلى الأرض الأب!
قال بريهة: الابن رسول الأب. قال هشام: إن الأب أحكم من الابن لأن الخلق خلق الأب. قال بريهة: إن الخلق خلق الأب وخلق الابن. قال هشام: ما منعهما أن ينزلا جميعا كما خلقا إذا اشتركا؟! قال بريهة: كيف يشتركان وهما شئ واحد إنما يفترقان بالاسم.