ثم قال الوزير:
الثالث: أن الصحابة فهموا من التوسل التوسل بالدعاء لا بالذوات، فعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) توسل بدعاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. ومعاوية بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود.
ولو كان التوسل بالذوات جائزا عندهم لأغناهم عن تكلف غيره، ولتوسلوا بذات أكرم الخلق وأفضل البشر وأعظمهم عند الله قدرا ومنزلة، فعدلوا عن ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجودة في القبر إلى الأحياء ممن هم دونه منزلة ورتبة. فعلم أن المشروع ما فعلوه، لا ما تركوه.
قال الشهاب الآلوسي في روح المعاني: 6 / 113، في الكلام على عدول الصحابة:
وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس إلى التوسل بعمه العباس وهم يجدون أدنى مساغ لذلك. فعدولهم مع أنهم السابقون الأولون، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع، وهم في وقت ضرورة ومخمصة، يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير، وإنزال الغيث بكل طريق: دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره. انتهى كلام الآلوسي والوزير.
وجوابه: على مبناه في الصحابة، فقد كتب ابن الصديق الغماري رسالة في أن ترك الصحابي لفعل لا يمكن أن يكون دليلا على عدم مشروعيته.
على أنه صح الحديث بأن ابن حنيف علم التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) لرجل في زمن عثمان، فلا يصح القول إن أصحابه تركوه!
أما لماذا لم يتوسل عمر بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وتوسل بعمه العباس؟
فجوابه أن عمر لم يكن بلغه حديث عثمان بن حنيف، وتعليم النبي للأعمى التوسل والتوجه به إلى الله تعالى، وأراد أن يظهر للمسلمين مقام العباس فتوسل به.
أما على مبنانا في الصحابة، فإن الذين عملهم حجة علينا من الصحابة إنما هم