ومسألة التوسل بالذوات، وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم، لا خلاف عند السلف من الصحابة والتابعين أنها ليست من الدين، ولا هي سائغة في الدعاء.
وبرهان ذلك أنه لم ينقل عن واحد منهم بنقل صحيح مصدق أنه توسل بأحد الخلفاء الأربعة أو العشرة أو البدريين.
والعمل على وفق ما فهموه هو المنجى كما فصل في السلف والسلفية من هذا الكتاب، ومن ابتغى نهجا جديدا فهو الخلفي، وليس له حظ منهم.
إذا تقرر هذا فالتوسل بالذوات ونحو ذلك ممنوع لا وجه:
الأول: أنه بدعة لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين وكل بدعة ضلالة، وليس على الله أكرم من الدعاء: وفي الحديث: الدعاء هو العبادة. أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح عن النعمان بن بشير.
فإذا كان عبادة بل هو العبادة فإحداث أمر في العبادة مردود باتفاق العلماء. انتهى كلام الوزير.
وجوابه: أن الحكم بأن التوسل بذات النبي (صلى الله عليه وآله) بدعة مصادرة على المطلوب، لأن القائل به يعتقد به بسبب ما ثبت عنده من تعليم النبي (صلى الله عليه وآله) للأعمى، وتطبيق عثمان بن حنيف لذلك بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). فهل ما علمه النبي وما فهمه الصحابة وطبقوه يكون بدعة وإحداثا في الدين؟!!
ثم قال الوزير:
الثاني: أن قول القائل: أتوسل بأبي بكر وعمر... خطأ محض جره إليه سقم فهمه وكثافة ذهنه واعتقاده أن كل شئ توسل به يكون وسيلة، وهذا غلط.
فمن قال أتوسل بأبي بكر مثلا فقد جمع بين ذاتين لا وسيلة ولا طريق توصل وتجمع أحدهما بالآخر، فكأنما هذا القائل قد لفظ لفظا لا معنى له بمنزلة من سرد الأحرف الهجائية، إذ لا اتصال بين ذات المتوسل والمتوسل به حتى يجمع بينهما.
فلا بد من جامع يتوسل به، وهو حب الصحابة مثلا، وهو من عمل المتوسل فإذا