ولا يبعد أن يكون التوسل أعم منها جميعا، لأنه توسيط من له وجهة عند المسؤول، أو له حق عنده، أو له حق شفاعة ووساطة..
وقد يكون التوسل غير ناظر إلى حق المسؤول به نهائيا بل ناظر إلى مسيس حاجة السائل المتوسل، فيكون التوسل من هذه الناحية على نحو القضية المهملة.
والذي أعتقده أن هذه التعبيرات الأربع (التوجه بشخص أو شئ، والتوسل به، والاستشفاع به، والسؤال به) غير مترادفة، ويتضح ذلك من استعمالات القرآن والنبي وآله لها، وهم أفصح من نطق بالضاد، وأعلم الناس بالله تعالى وأدب سؤاله.
وأن ما نراه من من ترادفها فهو بالنظرة الأولى.
ويحتمل في بعضها أن المعصومين (عليهم السلام) أقروا ترادفها تخفيفا على الأمة، أو أن الراوي اشتبه في نقلها لترادفها في ذهنه.
ويؤيد ذلك أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال (وأنا أقول.. وفي رواية ولكني أقول) وهو بذلك لا يخطئ يوسف (عليه السلام) بسؤاله بأبيه يعقوب، ولكنه ارتقى في أدب الدعاء فسأل الله تعالى به وحده، مشيرا بذلك إلى أن حق يعقوب وحق جميع الرسل والعباد إنما هو تفضل من الله تعالى وليس ذاتيا، فالتوجه بمقام الجاه الذي أعطاهم الله أنسب.
وفي هذا الموضوع بحوث مفيدة لطيفة، يحسن لمن أرادها أن يتأمل في نصوص أدعية الصحيفة السجادية، ففيها أنواع المعرفة بالله تعالى، وأدب سؤاله ودعائه، وفيها خصائص الكلمات العربية، التي ليس فيها مترادف بالمعنى الدقيق!
الدعاء والنداء:
توسع العرب في مادة (دعو) واستعملوا مشتقاتها في معان كثيرة، مثل نداء الشخص لأي غرض حتى مجازا، ودعائه إلى طعام.. ومن ذلك الدعاء إلى عبادة الله تعالى، أو غيره، كما قال تعالى (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك)!