فمعنى الشراكة في الألوهية معنى آخر لا يأتي من التوسيط، بل قد يكون من عقيدة المتوسط ونيته، وقد لا يكون أصلا.
وسوف تعرف بطلان دعوى ابن تيمية وأتباعه تحريم بعض أنواع التوسيط بحجة أنه يتضمن شركا بالله تعالى، وأن الشرك لا يأتي من التوسيط بل من خارجه.
ويبدو أن أقوى معاني التوسيط: سؤال الله تعالى بشخص، أو بعمل.. ويأتي بعده في المرتبة: التوسل والتوجه به إلى الله تعالى.
ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق (عليه السلام): ما كان دعاء يوسف في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟
قال: إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا، ولن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكى أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: وأنا أقول:
اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا ولن تستجيب دعوة، فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله.
قال ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): قولوا هذا وأكثروا منه، كثيرا ما أقوله عند الكرب العظام. انتهى.
ونلاحظ أن الإمام الصادق (عليه السلام) أجرى تعديلا على دعاء نبي الله يوسف (عليه السلام)، وجعل السؤال فجعله بالله تعالى وحده، وجعل التوجه إليه بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله).
وهو يدل على أن سؤال الله تعالى بالشئ أعظم من التوجه إليه به.
فالتوجه هو أن يقدم السائل شخصا له وجهة عند المسؤول.
والسؤال به يشبه المطالبة بحق للمسؤول به على المسؤول.
والاستشفاع قريب من التوجه، وهو توسيط من له حق الوساطة.