وبدؤوا فعاليتهم ضد الأمويين في الحجاز والعراق وخراسان، بشعار: يا لثارات الحسين، والدعوة إلى الخليفة المرضي من آل محمد، والبراءة من غاصبي حقهم من الشيخين والأمويين بعدهم!!
وما أن حققت ثورتهم انتصارات حاسمة على يد أبي مسلم الخراساني، حتى اختلفوا مع حلفائهم الحسنيين، ونشبت بينهم معارك ضارية في الحجاز والعراق، انتصر فيها العباسييون وتفردوا بالحكم..
وهنا بدأ العباسيون بتغيير استراتيجيتهم الفكرية التي أخذوا البيعة عليها من الناس، فاستثنوا الشيخين أبا بكر وعمر من البراءة واللعن، وحصروه ببني أمية بمن فيهم عثمان!
ويدل ندم مالك على وجود ذم الصحابة في كتابه، على أنه ألفه قبل أن يتبلور التحول في خط الخلافة العباسية، ويعدلوا عن البراءة من الشيخين إلى تبني ولايتهما والتأكيد عليها..
ذلك أن العباسيين كانوا سياسيين ولم يكونوا علماء، وكانت المرجعية الدينية للمعارضة في الأئمة من أولاد علي (عليه السلام).. فأراد العباسيون أن يتبنوا مرجعية دينية، غير أموية وغير علوية، فاختار أبو جعفر المنصور الإمام مالك، وطلب منه أن يؤلف كتابا سهلا ممهدا موطأ، لينشره في بلاد المسلمين ويلزمهم به، فألف له الموطأ ووضع فيه حديث الحوض الذي يذم الصحابة لأنه ينسجم مع خطهم الفكري، ونشرت الخلافة الكتاب، وأصدر المنصور قراره الذي ذهب مثلا (لا يفتين أحد ومالك في المدينة).
ولكن ندم مالك، والشافعي، والخلافة العباسية لم ينفع، لأن حديث الحوض دخل في كتاب الخلافة الرسمي، وصار شاهدا لأحاديث الحوض الأخرى التي سمعها الناس ورووها ودونوها!
بل صار ندمهم شاهدا تاريخيا قويا على صحة صدور هذه الأحاديث النبوية