فإن المتأمل فيها في مصادر إخواننا السنيين يصل إلى قناعة بأن أحاديثها كانت تتضمن أن أهل بيته معه في المحشر والجنة، بدليل بقاء ذكرهم وتسميتهم في عدد منها! وأنها كانت تتضمن بيان المصير الأسود لأكثر الصحابة!
وقد رأيت أنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من الأحاديث التي تنص على أنه لا يرد منهم الحوض ولا ينجو إلا مثل همل النعم!
وهمل النعم هي النعاج المفردة الخارجة عن القطيع! وهو يعني أن أكثرية قطيع الصحابة لا ينجو!!
وبهذا نعرف الصعوبة في المهمة التي عهدت بها الخلافة القرشية إلى علماء الحديث، أو تبرعوا هم بها، بتدوين صحاح ترضى عنها وتتبنى نشرها!!
فلا بد أنهم وقفوا طويلا أمام مشكلة تدوين أحاديث القيامة والآخرة، لأنها تعطي أهل البيت مقاما إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله).. ولأنها تذم الصحابة وتخبر عن هلاك أكثرهم!!
ولا شك أن الذين ألفوا بعد مالك بن أنس واجهوا نفس مشكلته، وخافوا أن يقعوا في نفس (مزلق) التشيع الذي وقع فيه!!
لذا رأوا أنهم مجبرون على أن اتباع الأسس التالية:
أولا: أن يختاروا الأحاديث التي ليس فيها ذكر لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وهي قليلة جدا جدا!
ثانيا: أن يجردوا الأحاديث من ذكر مقام أهل البيت النبوي مهما أمكن!
ثالثا: أن يستبدلوا أسماء أهل البيت والكلمات التي استعملها النبي (صلى الله عليه وآله) في التعبير عنهم بكلمات عن الأمة والصحابة.
رابعا: أن يتحاشوا الأحاديث التي فيها ذم الصحابة، أو يحذفوا منها الذم أو يوجهوه إلى آخرين.
خامسا: أن يدونوا الأحاديث الموضوعة في فضل الصحابة، خاصة الخلفاء