الخطاب، ولا عناية أخرى في المقام تصحح هذا التعبير من قبيل تحقق الوقوع ونحوه وهو ظاهر.
فقوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، في عين أنه يدل على قصة خلقه تعالى النوع الإنساني بنحو التوليد، وأخذ الفرد من الفرد وبث الكثير من القليل، كما هو المشهود في نحو تكون الآحاد من الإنسان وحفظهم وجود النوع بوجود البعض من البعض على التعاقب، يدل على أن للقصة وهي تنطبق على الحال المشهود نوعا من التقدم على هذا المشهود من جريان الخلقة وسيرها.
وقد تقدمت استحالة ما افترضوا لهذا التقدم من تقدم هذه الخلقة بنحو تقدما زمانيا بأن يأخذ الله أول فرد من هذا النوع فيأخذ منه مادة النطفة التي منها نسل هذا النوع فيجزؤها أجزاء ذرية بعدد أفراد النوع إلى يوم القيامة، ثم يلبس وجود كل فرد بعينه بحياته وعقله وسمعه وبصره وضميره وظهره وبطنه ويكسيه وجوده التي هي له قبل أن يسير مسيره الطبيعي فيشهده نفسه ويأخذ منه الميثاق، ثم ينزعه منها ويردها إلى مكانها الصلبي، حتى يسير سيره الطبيعي وينتهي إلى موطنها الذي لها من الدنيا، فقد تقدم بطلان ذلك وأن الآية أجنبية عنه.
لكن الذي أحال هذا المعنى هو استلزامه وجود الإنسان بماله من الشخصية الدنيوية مرتين في الدنيا واحدة بعد أخرى، المستلزم لكون الشئ غير نفسه بتعدد شخصيته، فهو الأصل الذي تنتهي إليه جميع المشكلات السابقة.
وأما وجود الإنسان أو غيره في امتداد مسيره إلى الله ورجوعه إليه في عوالم مختلفة النظام متفاوتة الحكم فليس بمحال، وهو مما يثبته القرآن الكريم ولو كره ذلك الكافرون الذين يقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر فقد أثبت الله الحياة الآخرة للإنسان وغيره يوم البعث وفيه هذا الإنسان بعينه، وقد وصفه بنظام وأحكام غير هذه النشأة الدنيوية نظاما وأحكاما. وقد أثبت حياة برزخية لهذا الإنسان بعينه وهي غير الحياة الدنيوية نظاما وحكما. وأثبت بقوله: وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم. الحجر - 21، أن لكل شئ عنده