محمد بطرق كثيرة، فليس من البعيد أن يدعي تواتره المعنوي.
واعلم أن الروايات في الذر كثيرة جدا، وقد تركنا إيراد أكثرها لوفاء ما أوردنا من ذلك بمعناها. وهنا روايات أخر في أخذ الميثاق عن النبي (صلى الله عليه وآله) وسائر الأنبياء (عليهم السلام) سنوردها في محلها إن شاء الله تعالى. انتهى.
عوالم وجود الإنسان تحصل من بحث صاحب الميزان (رحمه الله) أنه جعل الأقوال في عالم الذر ثلاثة:
الأول: نفي وجود عالم الذر، والقول بأن ما ورد في الآية من إشهاد الناس وإقرارهم بالربوبية، إنما هو تعبير مجازي عن تكوينهم الذي يهديهم إلى ربهم تعالى. وهو قول عدد من المتأثرين بالفلسفة اليونانية من القدماء، وبالثقافة الغربية من المتأخرين.
الثاني: أن عالم الذر بمعنى أن الله تعالى استخرج نطف أبناء آدم (عليه السلام) من ظهره، ثم من ظهور أبنائه إلى آخر أب، ثم كونهم بشكل معين وأشهدهم فأقروا، ثم أعادهم إلى حالتهم الأولى في ظهر آدم (عليه السلام). وقد ذهب إليه بعض المفسرين من السنة والشيعة.
الثالث: أن عالم الذر هو عالم الملكوت والخزائن، وهو الوجه الذي اختاره صاحب الميزان (رحمه الله) وأطال في الكلام حوله واختصر في الاستدلال عليه.
ولكن يرد عليه إشكالات متعددة، أهمها:
أولا: أن عالم الملكوت اسم عام لكل عوالم ملك الله تعالى، وتفسير عالم الذر به ولولا يحل المشكلة، لأنه يبقى السؤال واردا: في أي عالم من ملكوت الله تعالى تم خلق الناس وأخذ الميثاق منهم؟
ثانيا: أن تفسير عالم الذر بعالم الملكوت تفسير استحساني ولولا دليل عليه، وطريقنا إلى معرفة عوالم خلق الله وأفعاله سبحانه وتعالى، محصور بما أخبرنا به