أقول والرواية كما تقدم وبعض ما يأتي من الروايات يذكر مطلق أخذ الميثاق من بني آدم من غير ذكر إخراجهم من صلب آدم وإراءتهم إياه. وكان تشبيههم بالذر كما في كثير من الروايات تمثيل لكثرتهم كالذر ولولا لصغرهم جسما أو غير ذلك، ولكثرة ورود هذا التعبير في الروايات سميت هذه النشأة بعالم الذر.
وفي الرواية دلالة ظاهرة على أن هذا التكليم كان تكليما حقيقيا ولولا مجرد دلالة الحال على المعنى. وفيها دلالة على أن الميثاق لم يؤخذ على الربوبية فحسب، بل على النبوة وغير ذلك. وفي كل ذلك تأييد لما قدمناه.
وفي تفسير العياشي عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، قال نعم لله الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم أخذ الميثاق هكذا، وقبض يده.
أقول: وظاهر الرواية أنها تفسر الأخذ في الآية بمعنى الإحاطة والملك.
وفي تفسير القمي عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى، قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم... (إلى آخر الرواية المتقدمة)..
أقول: والرواية ترد على منكري دلالة الآية على أخذ الميثاق في الذر تفسيرهم قوله: وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، أن المراد به أنه عرفهم آياته الدالة على ربوبيته، والرواية صحيحة ومثلها في الصراحة والصحة ما سيأتي من رواية زرارة وغيره.
- وفي الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زرارة: أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم.. إلى آخر الآية، فقال وأبوه يسمع: حدثني أبي أن الله عز وجل قبض قبضه من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم