أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت وأي شئ الظلال؟ فقال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ؟ ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله وهو قوله عز وجل: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين فأنكر بعض وأقر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب، وأنكرها من أبغض، وهو قوله عز وجل: ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): كان التكذيب ثم.
توضيح: قوله (عليه السلام): في الظلال، أي عالم الأرواح بناء على أنها أجسام لطيفة، ويحتمل أن يكون التشبيه للتجرد أيضا تقريبا إلى الأفهام، أو عالم المثال على القول به قبل الانتقال إلى الأبدان.
تذكير الأنبياء بميثاق الفطرة سمى الله عز وجل القرآن الكريم: الذكر، ووصف عمل النبي (صلى الله عليه وآله) بأنه تذكير، واستعمل مادة التذكير في القرآن للتذكير بالله تعالى، والتذكير باليوم الآخر، والتذكير بالفطرة والميثاق.
ووصف أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عمل الأنبياء (عليهم السلام) بأنه مطالبة للناس بالانسجام مع ميثاق الفطرة، قال (عليه السلام) في خطبة طويلة في نهج البلاغة ج 1 ص 23، يذكر فيها خلق آدم (عليه السلام) وصفته:
" فأهبطه إلى دار البلية، وتناسل الذرية، اصطفى سبحانه من ولده أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقه واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة من سقف فوقهم مرفوع.... إلى آخر الخطبة ".