معرفتها تحتاج إلى أسباب: أحدها الحجر ولا يوجد إلا طريق مكة. والثاني الحديد وصفته كذا وكذا. والثالث حراق على هذه الصفة. والرابع مكان خال عن شدة الهواء، فأخذ المسكين في تحصيل هذه الأسباب.
ولو قال له في أول الحال: إن هذه الجسم المضئ الذي تشاهده هو النار التي تطلبها لأراح واستراح.
فمثل هذا العالم حقيق أن يقال إنه قد أضل، ولا يقال إنه قد هدى، أو عدل بالخلائق (في معرفة الخالق) إلى تلك الطرائق الضيقة البعيدة، وضيق عليهم سبيل الحقيقة، كما عدل من أراد تعريف النار المعلومة بالاضطرار إلى استخراجها من الأخبار.
أقول: هذا حال الكلام الذي كان في أول الإسلام، ولا شك أنه ما كان بهذه المثابة من البحث والخصومة، فما ظنك بهذه المباحثات والخصومات الشائعة في زماننا. وليت شعري أن هؤلاء الجماعة هل لهم دليل عقلي ونقلي على وجوبه واستحبابه؟ أو مجرد تقليد آبائهم وأسلافهم، وأنهم على آثارهم لمقتدون. وأنهم هل يقرون بإيمان السابقين أو ينكرونه؟ وهل يعترفون بإيمان العوام الغافلين عنه أو لا يعترفون؟ فإن أقروا واعترفوا فما فائدته؟ وإلا فكيف يعاشرونهم بالرطوبات؟ مع اعتقادهم بأن عدم المعرفة بالأصول كفر والكافر نجس. وكيف يجوز الاشتغال بالواجب مع استلزامه ترك ما هو أوجب؟ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي كانوا يوعدون.
ويكفي الدليل الإجمالي في المعرفة - الاقتصاد للشيخ الطوسي ص 15 فإن قيل: قد ذكرتم أنه يخرج الإنسان عن حد التقليد بعلم الجملة، ما حد ذلك بينوه لنقف عليه؟
قلنا: أحوال الناس تختلف في ذلك: فمنهم من يكفيه الشئ اليسير، ومنهم من