مدرسة البخاري في تفسير هذا الحديث لعل أكثر هذا الروايات صراحة في التأكيد على حرمة الخروج على الحاكم، تلك التي تحذر المسلمين من موتة الجاهلية إذا هم لم يطيعوه ويتحملوا منه مهما كانت أعماله مكروهة، وقد اقتصر البخاري في صحيحه على هذه الروايات فلم يرو شيئا في التحذير من ميتة الجاهلية غيرها! ولأن إطاعة الحاكم عنده ولو كان جائرا هي الضمان الوحيد لعدم رجوع المسلم إلى الجاهلية، قال في صحيحه ج 8 ص 87:
.... عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله وسلم قال: من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية. ورواه أيضا في نفس الصفحة بعدة روايات. ورواه أيضا في ج 8 ص 105، ورواه مسلم في صحيحه ج 6 ص 21، والبيهقي في سننه ج 8 ص 156 - 157 و ج 10 ص 234، وأحمد في مسنده ج 1 ص 297 وص 310، ونحوه في ج 2 ص 70 وص 93 وص 123 وص 445 وفي ج 3 ص 446.
- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 219 إعلانا من الله ورسوله ببراءة ذمة المسلمين عند الله تعالى في طاعتهم لحكام الجور، قال:
عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطيعوا أمراءكم مهما كان، فإن أمروكم بشئ مما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم، وأن أمروكم بشئ مما لم آتكم به فإنه عليهم وأنتم منه براء، ذلكم بأنكم إذا لقيتم الله قلتم ربنا ولولا ظلم فيقول ولولا ظلم، فتقولون ربنا أرسلت إلينا رسلا فأطعناهم بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك، فيقول صدقهم هو عليهم وأنتم منه براء. رواه الطبراني وفيه إسحق بن إبراهيم بن زبريق وثقه أبو حاتم وضعفه النسائي، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
والفرية الكبرى في هذا الحديث أن الحاكم الجائر قد استخلفه الله تعالى على عباده وأمرهم بطاعته مهما عصى الله تعالى (واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك) بل ادعى واضع الحديث أن ذلك يشمل عمال الحاكم وموظفيه أيضا