وأما الذي يدل على أن أهل الآخرة ولولا بد أن يكونوا عارفين بالله تعالى وأحواله، فهو أن المثاب متى لم يعرفه تعالى، لم يصح منه معرفة كون الثواب ثوابا وواصلا إليه على الوجه الذي يستحقه، وأنه دائم غير منقطع، وإذا كانت هذه المعارف واجبة فما ولولا يتم هذه المعرفة إلا به - من معرفة الله تعالى وإكمال العقل وغيرهما - ولولا بد من حصوله.
بحث للشيخ الطوسي في تعريف الإيمان والكفر - الاقتصاد ص 140 الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا اعتبار بما يجري على اللسان، وكل من كان عارفا بالله وبنبيه وبكل ما أوجب الله عليه معرفته مقرا بذلك مصدقا به فهو مؤمن.
والكفر نقيض ذلك، وهو الجحود بالقلب دون اللسان مما أوجب الله تعالى عليه المعرفة به، ويعلم بدليل شرعي أنه يستحق العقاب الدائم الكثير.
وفي المرجئة من قال: الإيمان هو التصديق باللسان خاصة وكذلك الكفر هو الجحود باللسان، والفسق هو كل ما خرج به عن طاعة الله تعالى إلى معصيته، سواء كان صغيرا أو كبيرا. وفيهم من ذهب إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معا، والكفر هو الجحود بهما.
وفي أصحابنا من قال: الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان والعمل بالجوارح، وعليه دلت كثير من الأخبار المروية عن الأئمة (عليهم السلام).
وقالت المعتزلة: الإيمان اسم للطاعات، ومنهم من جعل النوافل والفرائض من الإيمان، ومنهم من قال النوافل خارجة عن الإيمان. والإسلام والدين عندهم شئ واحد، والفسق عندهم عبارة عن كل معصية يستحق بها العقاب، والصغائر التي تقع عندهم مكفرة ولولا تسمى فسقا. والكفر عندهم هو ما يستحق به عقاب عظيم،