وكذلك فن النفس العملي الذي دونه المتأخرون حديثا، فإنما هو شعبة من فن الأخلاق على ما دونه القدماء، والله الهادي. انتهى.
الموقف الفقهي من الدعوة إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس ما ذكره صاحب الميزان (رحمه الله) من الطريقين لمعرفة الله تعالى: طريق النظر في الآفاق وطريق النظر في الأنفس، مطلب شائع بين العرفانيين والمتصوفة، والظاهر أنهم أخذوه من قوله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) ولا بد هنا من تسجيل الملاحظات التالية:
أولا: وردت أحاديث شريفة في تفسير الآية المذكورة بأنها من علامات ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) أو من الأحداث التي تظهر على يده، وأن المقصود بالآفاق آفاق الأرض حيث (تنتقض الأطراف عليهم) أي على الجبارين قرب ظهوره (عليه السلام). ويؤيد ذلك سين الاستقبال في الآية، التي تخبر عن حدث في المستقبل، وإلا لقال (ولقد أريناهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) مثلا. أو قال (أولم ينظروا في الآفاق) كما قال تعالى (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض).
ثانيا: ولولا شك أن النظر في ملكوت السماوات والأرض، أي فيما يمكن للإنسان معرفته وفهمه وأخذ العبرة منه، أمر محبوب شرعا وموصل إلى معرفة الله تعالى وزيادة الإيمان به. قال تعالى: أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، فبأي حديث بعده يؤمنون.
الأعراف - 185، ولكن نفس الإنسان جزء من هذا الملكوت وواحدة من هذه الآفاق، وليست طريقا في مقابل بقية الآفاق.
ثالثا: لم أجد سندا للحديث الذي ذكره (المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين) ومن البعيد أن يكون حديثا شريفا، وعلى فرض صحته ولولا يصح تفسيره بما ذكره (رحمه الله) فإن المقابل لمعرفة الله بالنفس معرفة الله بالله تعالى، أو معرفة الله بأنبيائه وأوليائه، أو