يكون من فعل الله تعالى على ما تقتضيه قواعد العدلية، من أن العبد له فعل، وأن اللطف واجب على الله تعالى، ولو كان التبديل منه تعالى لنافى اللطف. على أنا نقول: قد يستند الكفر إلى الفعل دون الاعتقاد، فيجامع الجزم اليقين في المعارف الأصولية، كما في السجود للصنم وإلقاء المصاحف في القاذورات مع كونه مصدقا بالمعارف.
إن قلت: فعلى هذا يلزم جواز اجتماع الإيمان والكفر في محل واحد وزمان واحد، وهو محال، لأن الكفر عدم الإيمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا.
قلت: الإيمان هو التصديق بالأصول المذكورة بشرط عدم السجود وغيره مما يوجب فعله الكفر بدلالة الشارع عليه، وانتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط.
ثانيها يلزم أن يكون الظان ولو في أحد من الأصول الخمسة كافرا وإن كان عالما بالباقي، لأن الظن من أضداد اليقين فلا يجامعه. فيلزم (القول) بكفر مستضعفي المسلمين بل كثير من عوامهم، لعدم التصديق في الأول والثبات في الثاني، كما نشاهد من تشككهم عند التشكيك، مع أن الشارع حكم بإسلامهم وأجرى عليهم أحكامه. ومن هاهنا اكتفى بعض العلماء في الإيمان بالتقليد، كما تقدمت الإشارة إليه.
ويمكن الجواب عن ذلك: بأن من يشترط اليقين يلتزم الحكم بكفرهم لو علم كون اعتقادهم بالمعارف عن ظن، لكن هذا الالتزام في المستضعف في غاية البعد والضعف. وأما إجراء الأحكام الشرعية فإنما هو للاكتفاء بالظاهر إذ هو المدار في إجراء الأحكام الشرعية فهو ولولا ينافي كون المجرى عليه كذلك كافرا في نفس الأمر.
وبالجملة، فالكلام إنما هو في بيان ما يتحقق به كون المكلف مؤمنا عند الله سبحانه، وأما عندنا فيكفي ما يفيد الظن حصول ذلك له، كإقراره بالمعارف الأصولية مختارا غير مستهزئ، لتعذر العلم علينا غالبا بحصول ذلك له.
ثالثها: أنه إذا كان الإيمان هو التصديق الجازم الثابت، فلا يمكن الحكم بإيمان