واعترض أيضا بأن الآية الكريمة خطاب للرسول (صلى الله عليه وآله)، فهي إنما تدل على وجوب العلم عليه وحده دون غيره.
وأجيب بأن ذلك ليس من خصوصياته (صلى الله عليه وآله) بالإجماع، وقد دل دليل وجوب التأسي به على وجوب اتباعه، فيجب على باقي المكلفين تحصيل العلم بالعقائد الأصولية.
وأيضا أورد أنه إنما يفيد الوجوب لو ثبت أن الأمر للوجوب، وفيه منع لاحتماله غيره، وكذا يتوقف على كون المراد من العلم هاهنا القطعي، وهو غير معلوم، إذ يحتمل أن يراد به الظن الغالب، وهو يحصل بالتقليد. وبالجملة فهو دليل ظني.
وأما المقالة الثانية وهو أن الأعمال ليست جزء من الإيمان ولا نفسه فالدليل عليه من الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، والإجماع.
أما الكتاب، فمنه قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فإن العطف يقتضي المغايرة، وعدم دخول المعطوف في المعطوف عليه، فلو كان عمل الصالحات جزء من الإيمان أو نفسه لزم خلو العطف عن الفائدة لكونه تكرارا.
ورد ذلك بأن الصالحات جمع معرف يشمل الفرض والنفل، والقائل بكون الطاعات جزء من الإيمان يريد بها فعل الواجبات واجتناب المحرمات، وحينئذ فيصح العطف لحصول المغايرة المفيدة لعموم المعطوف، فلم يدخل كله في المعطوف عليه، نعم ذلك يصلح دليلا على إبطال مذهب القائلين بكون المندوب داخلا في حقيقة الإيمان كالخوارج.
ومنه قوله تعالى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن، أي حالة إيمانه، فإن عمل الصالحات في حالة الإيمان يقتضي المغايرة لما أضيف إلى تلك الحالة وقارنه فيها، وإلا لصار المعنى: ومن يعمل بعض الإيمان حال حصول ذلك البعض، أو ومن يعمل من الإيمان حال حصوله، وحينئذ فيلزم تقدم الشئ على نفسه وتحصيل الحاصل.