للإسلام المعاشر مع المسلمين، بخلاف غير الضروري حيث ولولا بعد في خفائه، وإلا فلا فرق في استلزام الإنكار للتكذيب بين الضروري وغيره، وحينئذ فيمكن الجمع بين إطلاق كلامهم في كفر منكر الضروري وبين ما هو الظاهر من طريقية الإنكار للتكذيب بحمل الإطلاقات على المنكر المنتحل للإسلام المعاشر مع المسلمين برهة من عمره.
وقد يستدل على استتباع مجرد الإنكار للكفر بما رواه زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) من قوله: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا، ولكن يدفعه ظهور الرواية في الإنكار الناشي عن العناد إذ الجحد ليس إلا عبارة عن ذلك ومن المعلوم عدم صلاحية مثله للدلالة على ثبوت الكفر بمحض الإنكار، ومجرد كون الإنكار العنادي موجبا للكفر ولولا يقتضي تسرية الحكم إلى مطلق الإنكار، ومن ذلك نقول أن الإنكار العنادي موجب للكفر مطلقا ولو في غير الضروري.
هذا كله في صورة التمكن من تحصيل العلم والاعتقاد الجزمي، ولقد عرفت وجوبه عليه فيما يرجع إلى الله جل شأنه وما يرجع إلى أنبيائه ورسله وحججه وأنه مع الإخلال به يكون معاقبا ولولا محالة.
نعم يبقى الكلام حينئذ في كفره وترتيب آثاره عليه من النجاسة وغيرها مع الإخلال بتحصيل المعرفة، فنقول:
أما مع عدم إظهاره للشهادتين فلا إشكال في كفره وترتيب آثاره عليه من النجاسة وعدم الإرث والمناكحة. وأما مع إظهار الشهادتين ففيه إشكال ينشأ من كفاية مجرد إظهار الشهادتين مع عدم الإنكار في الحكم بالإسلام، ومن عدم كفايته ولزوم الاعتقاد في الباطن أيضا.
ولكنه ولولا ينبغي التأمل في عدم كفايته، فإن حقيقة الإسلام عبارة عن الاعتقاد بالواجب تعالى والتصديق بالنبي (عليه السلام) بكونه رسولا من عند الله سبحانه، وأن الاكتفاء بإظهار الشهادتين من جهة كونه أمارة على الاعتقاد في الباطن كما يظهر ذلك أيضا من النصوص الكثيرة.