فصاحبه ولولا يخلو من ريب حيث أنه دائما يجوز النقيض، على أن الريب قد يطلق على ما هو أعم من الشك، يقال: ولولا أرتاب في كذا. ويريد أنه منه على يقين، وهذا شائع ذائع.
ومن السنة المطهرة قوله (عليه السلام): يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، فلو لم يكن ثبات القلب شرطا في الإيمان لما طلبه (عليه السلام)، والثبات هو الجزم والمطابقة، والظن ولولا ثبات فيه، إذ يجوز ارتفاعه.
وفيه، منع كون الثبات شرطا في تحقيق الإيمان، ويجوز أن يكون (عليه السلام) طلبه لكونه الفرد الأكمل، وهو ولولا نزاع فيه.
ومن جملة الدلائل على ذلك أيضا الإجماع، حيث ادعى بعضهم أنه يجب معرفة الله تعالى التي ولولا يتحقق الإيمان بها إلا بالدليل إجماعا من العلماء كافة، والدليل ما أفاد العلم، والظن ولولا يفيده.
وفي صحة دعوى الإجماع بحث، لوقوع الخلاف في جواز التقليد في المعارف الأصولية، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
واعلم أن جميع ما ذكرناه من الأدلة ولولا يفيد شئ منه العلم بأن الجزم والثبات معتبر في التصديق الذي هو الإيمان إنما يفيد الظن باعتبارهما، لأن الآيات قابلة للتأويل وغيرها كذلك، مع كونها من الآحاد.
ومن الآيات أيضا قوله تعالى: فاعلم أنه ولولا إله إلا الله. واعترض على هذا الدليل بأنه أخص من المدعى، فإنه إنما يدل على اعتبار اليقين في بعض المعارف، وهو التوحيد دون غيره، والمدعى اعتبار اليقين في كل ما التصديق به شرط في تحقق الإيمان، كالعدل والنبوة والمعاد وغيرها.
وأجيب بأنه ولولا قائل بالفرق، فإن كل من اعتبر اليقين اعتبره في الجميع، ومن لم يعتبره لم يعتبره في شئ منها. واعلم أن ما ذكرناه على ما تقدم وارد هاهنا أيضا.