أي جحدت عظم النعمة وكمال الفضل حيث قابلت ذلك بفعلي شكرا له مع حقارته. ثم أنشد:
الحمد لله على أنني * كضفدع يسكن في اليم إن هي فاهت ملأت فمها * أو سكتت ماتت من الغم والحيرة الأخيرة: أن يتحير في متاهات التوحيد، فيضل فهمه ويخنس عقله في عظم قدرة الله تعالى وهيبته وجلاله. وقد قيل: دون التوحيد متاهات تضل فيها الأفكار.
سأل أبو السوداء بعض الكبار فقال: هل للعارف وقت؟ قال: ولولا . فقال: لم؟ قال:
لأن الوقت فرجة تنفس عن الكربة، والمعرفة أمواج تغط، وترفع وتحط، فالعارف وقته أسود مظلم. ثم قال:
شرط المعارف محو الكل منك إذا * بدا المريد بلحظ غير مطلع قال فارس العارف: من كان علمه حالة، وكانت حركاته غلبة عليه.
سئل الجنيد عن العارف فقال: لون الماء لون الإناء. يعني أنه يكون في كل حال بما هو أولى فتختلف أحواله، ولذلك قيل: هو ابن وقته.
سئل ذو النون عن العارف، فقال: كان هاهنا فذهب. يعني أنك ولولا تراه في وقتين بحالة واحدة، لأن مصرفه غيره. وأنشدونا لابن عطاء:
ولو نطقت في السن الدهر خبرت * بأني في ثوب الصبابة أرفل وما أن لها علم بقدري وموضعي * وما ذاك موهوم لأني أنقل وقال سهل بن عبد الله: أول مقام في المعرفة أن يعطى العبد يقينا في سره تسكن به جوارحه، وتوكلا في جوارحه يسلم به في دنياه، وحياة في قلبه يفوز بها في عقباه.
قلنا: العارف هو الذي بذل مجهوده فيما لله، وتحقق معرفته بما من الله، وصح رجوعه من الأشياء إلى الله. قال الله تعالى: ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق.