إنما أردت التهويل، قال: وخرجت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فوقفت خلف الباب ثم قالت: لا عهد لي بقوم أسوء محضرا منكم، تركتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم، ولم تؤمرونا، ولم تروا لنا حقا، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم، والله، لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة (1).
* عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام لما رأى خذلان الناس له، وتركهم نصرته، واجتماع كلمة الناس منع أبي بكر، طاعتهم له، وتعظيمهم له، جلس في بيته، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع، غيره وغير هؤلاء الأربعة معه، وكان أبو بكر أرق الرجلين، وأرفقهما، وأدهاهما، وأبعدهما غورا، والآخر أفظهما وأغلظهما، وأخشنهما، وأجفاهما، فقال: من نرسل إليه؟
فقال عمر: أرسل إليه قنفذا - وكان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقاء، أحد بني تيم - فأرسله وأرسل معه أعوانا، فانطلق فاستأذن، فأبى علي عليه السلام أن يأذن له.
فرجع أصحاب قنفذ إلى بي بكر وعمر، وهما في المسجد والناس حولهما فقالوا: لم يأذن لنا، فقال عمر: هو إن أذن لكم وإلا فادخلوا عليه بغير إذنه.
فانطلقوا، فاستأذنوا، فقالت فاطمة عليها السلام: أخرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن، فرجعوا، فثبت قنفذ، فقالوا: إن فاطمة قالت: كذا وكذا، فحرجتنا أن ندخل عليه البيت بغير إذن منها، فغضب عمر، وقال: ما لنا وللنساء، ثم أمر أناسا حوله، فحملوا حطبا وحمل معهم فجعلوه حول منزله، وفيه علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا: والله لتخرجن ولتبايعن خليفة رسول الله، أو لأضر من عليك بيتك نارا، ثم رجع فقعد إلى أبي بكر، وهو يخاف أن يخرج علي بسيفه، لما قد عرف من بأسه وشدته.