ثم قال لقنفذ: إن خرج وإلا فاقتحم عليه، فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم نارا:
فانطلق قنفذ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وبادر علي إلى سفيه ليأخذه، فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا عليه فضبطوه، وألقوا في عنقه حبلا أسود، وحالت فاطمة عليها السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، فبقي أثره في عضدها من ذلك مثل الدملج من ضرب قنفذ إياها، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ: اضربها، فألجأها إلى عضادة باب بيتها، فدفعها فكسر ضلعا من جنبها، وألقت جنينا من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها (1).
* وفي كتاب سليم بن قيس، في حديث طويل، قال: فلما كان الليل حمل علي فاطمة عليهما السلام على حمار وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا الأربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا، وبذلنا له نصرتنا، وكان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته، فلما رأى علي عليه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته، واجتماع كلمتهم مع أبي بكر، وطاعتهم له، وتعظيمهم إياه لزم بيته، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع، غيره وغير هؤلاء الأربعة، وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا، والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما، فقال [له ] أبو بكر: من نرسل إليه؟
فقال عمر: نرسل إليه قنفذا، وهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله إليه، وأرسل معه أعوانا، فانطلق فاستأذن على علي عليه السلام، فأبى أن يأذن لهم.
فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر، وهما جالسان في المسجد والناس حولهما، فقالوا : لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا فإن أذن لكم، وإلا فادخلوا [عليه] بغير إذن !!
فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة عليها السلام: أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير