يمتلك فهذا ما سيكون عن طريق التجربة والامتحان والاختيار خلال مسيرة حياتك مع ذلك الشخص الذي سينوبك في المهام والذي تريد أن تؤهله للقيام بأعمالك مثلا أو التبليغ لك فأنت ترى من خلال معاشرة ذلك الشخص مدى التزامه بتعليماتك وبعد النجاح في هذه الأمور تستخلصه لنفسك وتختاره وكيلا عنك ينوب عنك في هذه الأمور المهمة، كذلك الحال مع الله تعالى باعتباره سيد العقلاء بل هو خالق العقل والعقلاء فهو عندما يريد إرسال رسول أو نبي لا بد له من الامتحان قبل الاصطفاء والاختيار وهذا ما نجده من خلال استقراء آيات القرآن الكريم حيث يوجد عدة شواهد على هذه المسألة كما في قضية نبي الله إبراهيم عندما اختاره الله أولا نبيا وبعد ذلك خليلا وبعد ذلك إماما فإنه لم ينال الإمامة إلا بعد التعرض للامتحانات والاختبارات من قبل الله تعالى وفي ذلك يقول الله تعالى في قصة إبراهيم * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما...) * حيث كلف الله سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم (عليه السلام) بتكاليف شتى فكانت النتيجة أن إبراهيم أتم هذه التكاليف وامتثلها وأطاع الله تعالى ومن هذه التكاليف قضية ذبحه لولده إسماعيل * (يا بني أني أرى في المنام أني أذبحك) * وقد وصف الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) بالوفاء حيث قال تعالى * (وإبراهيم الذي وفى) *. والخلاصة على ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال " إن الله ابتلى إبراهيم بذبح ولده إسماعيل فعزم على ذلك.. أما معنى قوله فأتمهن - فهو يعني الاستجابة والطاعة لأوامر الله تعالى ولذا استحق الإمامة التي هي منزلة عظيمة، جزاء لإخلاصه ونجاحه في الامتحانات التي تعرض لها.
وهكذا الحال مع جميع الأنبياء حيث اختبرهم الله تعالى قبل اصطفائهم وكان الباري عز وجل عالما بالأنبياء أنهم أوفياء له وملتزمين لأوامره وشروطه لذلك اصطفاهم.
الثاني: إن الله تعالى عندما اصطفى واستخلص الأنبياء كان ذلك بعد أن شرط عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لله تعالى ذلك وعلم الله تعالى منهم الوفاء بذلك. أما السؤال الذي يطرح في ما نحن فيه هو لماذا طلب وشرط الله تعالى من الأنبياء الزهد في حب الدنيا؟ والجواب على ذلك: أنه من الملازمات العقلية لحب الدنيا هو إعمال السيئات والذنوب وذلك للارتباط الوثيق بين