مصاحف.
إذن يظهر من هذه المعاني التي وردت في صحاح اللغة أن المصحف ما جمعت فيه الصحف وليس كما يدعى أنه قرآن غير هذا القرآن الموجودة.
وهناك شواهد أخرى تثبت هذه الحقيقة حيث ورد في حديث عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: وأن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، إنما هو شئ أملاها الله وأوحى إليها. قال: قلت: هذا والله العلم (1).
إن هذا الحديث يعطي دلالة واضحة على أن مصحف فاطمة سلام الله عليها يختلف اختلافا كبيرا عن ما موجود في القرآن من جهة مضمونه، وقد علق العلامة السيد محسن العاملي (ره) على هذه المسألة بقوله: " لا يخفى أنه قد تكرر نفي أن يكون فيه شئ من القرآن والظاهر أنه لكون تسميته بمصحف فاطمة يوهم أنه أحد قد نسخ المصاحف الشريفة، فنفى هذا الإيهام وفي بعض الأحاديث أن فيه وصيتها، ولعل أحد محتوياته، ثم إن بعضها دال على أنه من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخط علي (عليه السلام) " (2).
وعلق العلامة الخطيب محمد كاظم القزويني (ره) على هذه الرواية بقوله: " وليس معناه أن القرآن الموجود بين أيدينا ناقص، وأن مصحف فاطمة مكمل له، كلا وألف كلا، وليس معناه أن الله أنزل على فاطمة (عليها السلام) قرآنا وكل من ادعى غير هذا فهو إما جاهل أو معاند مفتر كذاب " (3).
أقول: يظهر من أقوال علماء الشيعة الإمامية وعلى ما ورد في أحاديث أهل البيت أن مسألة مصحف فاطمة قد تسالمت عليه الشيعة، ويؤمنون به، ويعتبرونه من المواريث التي تركتها فاطمة سلام الله عليها لأبنائها الأئمة المعصومين، ولا يظهر هذا المصحف إلا بظهور الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه باعتباره الوريث الشرعي لجدته الزهراء سلام الله عليها.