وتصديقا لهذا الكلام ترى في العالم - اليوم - ذرية فاطمة الزهراء (عليه السلام) الذين هم ذرية رسول الله (عليه السلام) منتشرين في بقاع العالم، ففي العراق حوالي مليون، وفي إيران حوالي ثلاث ملايين، وفي مصر خمس ملايين، وفي المغرب الأقصى خمس ملايين، وفي الجزائر وتونس وليبيا عدد كثير، وكذلك في الأردن وسوريا ولبنان والسودان وبلاد الخليج والسعودية ملايين، وفي اليمن والهند وباكستان والأفغان وجزر أندونيسيا حوالي عشرين مليون، وقل أن تجد في البلاد الإسلامية بلدة ليس فيها أحد من نسل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ويقدر مجموعهم بخمسة وثلاثين مليونا، ولو أجريت إحصائيات دقيقة وصحيحة فلعل العدد يتجاوز هذا المقدار (1).
ويؤيد ما استفاده العلامة (ره) وغيره أخبار كثيرة وردت من الفريقين العامة والخاصة، كما روى الحافظ الكنجي الشافعي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله عز وجل جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب ".
قلت: رواه الطبراني في معجمه الكبير، في ترجمة الحسن. فإن قيل: لا اتصال لذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلي (عليه السلام) إلا من جهة فاطمة (عليها السلام)، وأولاد البنات لا تكون ذرية لقول الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد قلت: في التنزيل حجة واضحة تشهد بصحة هذه الدعوى، وهو قوله عز وجل في سورة الأنعام: * (ووهبنا له (أي لإبراهيم) إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته (أي ذرية نوح) داود وسليمان (إلى أن قال) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس) * (2). فعد عيسى (عليه السلام) من جملة الذرية الذين نسبهم إلى نوح (عليه السلام) وهو ابن بنت لا اتصال له إلا من جهة أمه مريم. وفي هذا أكد دليل [على] أن أولاد فاطمة (عليها السلام) ذرية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا عقب له إلا من جهتها... وقد قال عطاء ومن شايعه من المفسرين: الهاء من قوله (ومن ذريته) راجعة إلى إبراهيم. ويحصل في هذا فائدة