هذا البحث بإجماله.
فنقول: إنما وضع الله أسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام) منه لتكون علامة لشئ ما، وهذا الشئ سوف يتضح لنا من خلال الأبحاث القادمة، وربما تسأل أيها القارئ العزيز كيف يكون الاسم علامة للمسمى والمفهوم من العلامة هو الوسم والذي يظهر هذا من خلال مراجعة أفراد اللغة العربية؟
والجواب على ذلك: أن بين الأسماء والمعاني الموضوع لها مناسبة ذاتية، والواضع عندما يضع الاسم المعين للمسمى المعين يكون عالما بالمناسبة وقادرا عليها ولوجود الحكمة والإتقان في وضع الأسماء لتلك المعاني، ومن هنا كان الواضع لأسماء فاطمة الزهراء هو الله تعالى وذلك لوجود المناسبة والحكمة في ذات الزهراء (عليها السلام)، وكذلك اقتضت حكمة الباري عز وجل أن تكون العلامة فيها مناسبة لها وهي ذات الزهراء في مادتها وصورتها حيث كانت دلالة فاطمة الزهراء ذاتية ومرتبطة ارتباطا وثيقا مع اسمها فكان التعبير من الله تعالى أدق في التعريف لذات الزهراء (عليها السلام) وأظهر في تمييز ذاتها عن بقية الذوات.
فالله سبحانه وتعالى لم يهمل الحكمة ولم يظلمها ولم يضعها في غير ما جعلها مقتضية لها فمن شاء أن يطلعه على علل الأشياء وأسبابها علمه ذلك بتفهيمه أو بوضع القرائن له والأمارات على ذلك وكما فعل ذلك مع أهل البيت (عليهم السلام) حيث هو الذي وضع أسماءهم وهذا ما نجده من خلال المأثور الروائي لأهل البيت (عليهم السلام)، فالله تبارك وتعالى يحب أن تكون أسماء أهل البيت (عليها السلام) منه تعالى وكما قال الله تعالى: * (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) *.
وأما إن قال شخص ما إن الواضع لأسماء فاطمة هو غير الله تعالى وبغض النظر عن الرواية الواردة في المقام والشواهد والقرائن الأخرى؟
فالجواب عليه: أنه لو قلنا بأن الواضع غير الله تعالى لم يكن هناك محذور في أن الألفاظ بينها وبين المعاني مناسبة ذاتية لأن الوضع لا يمكن إلا ممن له قوة المعرفة التي تنقص عن المعرفة بالمناسبة واعتبارها، ويدل على هذا إنا وجدنا في اللغة واشتقاق الألفاظ بعضها من بعض ونظمها على ما يوافق الحكمة ما يبصر العقول مع ما عرفنا