ولا شك ولا ريب ومن خلال استقراء حياة فاطمة (عليها السلام) قبل وبعد وفاتها أنها هي الخير الكثير الذي ورد فيه قوله تعالى: * (إنا أعطيناك الكوثر) *، ولقد انطبقت عليها هذه المعاني لكثرة بركتها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى أهل بيته وعلى شيعة أمير المؤمنين، فأي بركة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل فاطمة والتي على معرفتها دارت القرون الأولى، وأي بركة أكبر وأفضل من بركة فاطمة سلام الله عليها على الشيعة وخاصة في هذه الحياة الدنيا حيث كانت الوعاء الأكبر للإمامة التي مثلت أفضل مصاديق الولاية الكبرى وأي بركة أفضل منها عندما تأتي يوم القيامة وتخلص شيعتها ومحبيها من عذاب النار.
ولقد طفحت كتب السيرة والتاريخ دلالة على كثرة بركة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وكذلك الكتب الروائية والكلامية والتفسيرية حيث أظهرت من خلال طيات صفحاتها هذه الصفة الواردة فيها، فاقرأ معي ما كتب حول بركة الزهراء سلام الله عليها فيما ورد عن عبد الله بن سليمان قائلا... (قرأت في الإنجيل في وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
نكاح النساء ذو النسل القليل، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صغب فيه ولا نصب، يكفلها في آخر زمان كما كفل زكريا أمك، لها فرخان مستشهدان) (1).
ولقد ورد في تفسير سورة الكوثر (إنا أعطيناك الكوثر) إن الكوثر هي فاطمة الزهراء سلام الله عليها، والكوثر معناه الخير الكثير.
ويعني ذلك أن لكثرة ذرية رسول الله من جهة ابنته فاطمة الزهراء سلام الله عليها خاطب القرآن الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه له الكوثر كرامة من الله تعالى له.
قال العلامة الطباطبائي (رحمه الله): إن كثرة ذريته هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو المراد بها الخير الكثير، وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: * (إن شانئك هو الأبتر) * خاليا عن الفائدة.
وقد استفاضت الروايات أن السورة إنما نزلت فيمن عابه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأبتر بعد ما مات ابنه القاسم وعبد الله، وبذلك يندفع ما قيل: إن مراد الشانئ بقوله (أبتر) المنقطع عن