من قصورنا عن أكثر أسرارها ولا يكون ذلك إلا ممن يقدر على المناسبة ويعرف كمال حسنها وشرفها على عدمها وإذا كان قادرا على العلم بها وعلى معرفتها بأنها أكمل وأدل على المطلوب وأوفق بالحكمة كان العدول عن ذلك نقصا في الكمال وعدولا إلى الإهمال عن الحكمة لأن الأسماء في الحقيقة صفات المسميات فلو لم يكن بين الصفة وموصوفها مناسبة ذاتية ومطابقة حقيقة لكانت صفة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) التي تطلب بها تمييزها تصلح أن تكون لغيرها وإذا صلحت لغيرها كان تميزها بها مما يزيد في الالتباس وعدم المعرفة.
وعلى كل حال فإن البحث في هذا المقام لطويل وشائك فالذي نريد القول به والنتيجة التي نريد استعراضها وإظهارها هو أن الواضع هو الله تبارك وتعالى لأسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وإنما وضعها لتكون العلامات المميزات والصفات المعينات لفاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولكي يتبين معرفة الحال في المقام أكثر نقول: إن المراد من هذه الأسماء الأعم من اللفظية والمعنوية لأن العلامة والتمييز يحصل بكل منهما، والحاصل أن أسماءها (سلام الله عليها) التي أشير إليها في الرواية المتقدمة الذكر سواء كانت من الأسماء الصفاتية أو اللفظية فإنها مشتقة من أسمائه تعالى يعني اشتقها سبحانه وتعالى من أسمائه وهذا معنى ما روي عن علي بن الحسين (عليه السلام) حيث قال: حدثني أبي عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن قال: " قال الله يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي هذا محمد وأنا الحميد المحمود في فعالي شققت له اسما من اسمي وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم أوليائي عما يعرهم ويشينهم شققت لها اسما من اسمي... ".
وهذا يعني أنها فيض وجودها ونورها من فيض نور الله تبارك وتعالى ونسبتها إلى الله تعالى من حيث وجودها ومبدأ نورها وصفاتها (سلام الله عليها) وبأبسط تأمل لهذا الحديث يظهر أنه سبحانه وتعالى يريد بالاسم ما هو أعم من اللفظ ولو أراد خصوص اللفظ فقط يعني اسم فاطمة لما قال تعالى وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض ولو أراد خصوص المعنى لما علقه بالألفاظ ولكنه تعالى يريد الأسماء