وبينك ذنبا استوجبت به السخطة؟! قال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته، أليس عهدي إليك اليوم الماضي وأنت تحلفين بالله مجتهدة، ما طعمت طعاما مذ يومين؟ قال:
فنظرت إلى السماء، فقالت: إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه أني لم أقل إلا حقا.
فقال لها: يا فاطمة! أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط، ولم أشم مثل ريحه قط، وما لم آكل أطيب منه قط؟ قال: فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فغمزها، ثم قال: يا علي! هذا بدل دينارك، وهذا جزاء دينارك من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
ثم استعبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باكيا، ثم قال: الحمد لله الذي هو أبي لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما، ويجزيك يا علي، مجرى زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) * (1).
* وروي عن يوسف بن يحيى، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت رجلا بمكة شديد السواد له بدن، وخلق غابر، وهو ينادي: أيها الناس، دلوني على أولاد محمد، فأشار إليه بعضهم وقال: ما لك؟ قال: أنا فلان بن فلان. قالوا: كذبت إن فلانا كان صحيح البدن صبيح الوجه، وأنت شديد السواد غابر الخلق. قال: وحق محمد أني لفلان، اسمعوا حديثي.
اعلموا أني كنت جمال الحسين، فلما أن صرنا إلى بعض المنازل برز للحاجة وأنا معه فرأيت تكة لباسه وكان أهداها ملك فارس حين تزوج بنت أخيه شاه زنان بنت يزدجرد، فمنعني هيبة أسألها إياه، فدرت حوله لعلي أسرقها، فلم أقدر عليها.
فلما صار القوم بكربلاء، وجرى ما جرى، وصارت أبدانهم ملقاة تحت سنابك