الضياع، ومن هذا المنطلق نجد الشعائر حين تلمسها فاطمة الزهراء - (عليها السلام) - تحولها إلى حياة ونور، وواقع... وآلية تحفظ الحقوق وترعى الزمام، فمثلا - التسبيح من شعائر الله، لأنه يعيد الإنسان إلى واقعه، وحقيقته التي خلق من أجلها، وهي العبادة المطلقة لله وحده والتوجه إلى الخالق القادر الذي لا إله غيره.. وهو - أي - التسبيح بعد كل ذلك رحلة ينسجم المرء فيها مع كل ما يجري في هذا الكون، لأنه ما من شئ في الأرض ولا في السماء إلا وهو يسبح الله ويقدسه، تقول الأرقام العلية التي نأخذها من القرآن الكريم: إن كل شئ في هذا الكون ساجد يسبح لله ويقدسه، آخذا من الذرة والخلية وانتهاء بأكبر سديم في الفضاء ابتداء من الأميبا، الحيوان ذي الخلية الواحدة، وانتهاء بأكبر جرم حيواني في الأرض. ابتداء من أصغر عشب نائم في العراء، وانتهاء بأكبر دوحة في الأرض، هذه كلها تشترك في تسبيحة واحدة، وسجود واحد وتقديس للحق جل وعلا.. ومن هنا جاءت فكرة التسبيح لترد الإنسان إلى هذه الحقيقة وهي الانسجام الكامل مع ما يجري في هذا الكون. هذا هو كل ما يمكن أن يقال في التسبيح في مثل هذا المجال.. ولكن تعالوا معي لنرى الصديقة الزهراء كيف حولت هذا الشعار إلى صهريج ملئ بالنور والحركة والعطاء.. انظروا كيف استطاعت الزهراء أن تجعل من هذه الشعيرة الإسلامية، منهجا تربويا، حضاريا، يسكب الراحة والطمأنينة في النفس، ويجعل المسلم أقوى من الجبال في مواجهة الطغاة والظالمين.
فالتسبيح بتسبيح الزهراء يبدأ ب 34 تكبيرة و 33 تحميدة، و 33 تسبيحة، وهو تسبيح معروف، ومشهور، وخصوصا عند أهل البيت (عليهم السلام) حيث كانوا يأمرون أولادهم بحفظه وقراءته، قبل النوم، وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: كنا نعلم أولادنا، أو قال:
نعلم صبياننا حفظ هذا التسبيح وقرائته بعد الصلاة وفي أول دقائق النوم، وقد تقدم ذكر هذا التسبيح والتعليق عليه، ونحن إذا أردنا أن ندرك ما تقول فاطمة.. علينا أن نجعل منها قدوة، وأسوة حسنة تفتح أبواب الحياة أمامنا، وتضئ عالمنا الذي أطبق عليه الظلام، وذلك في فهمنا لتسبيح الزهراء.. فعندما نسبح بتسبيح فاطمة في أعقاب الفرائض.. يجب أن نتأثر به، ونتخلق بآدابه ونسعى إلى أن يترك أثره الطيب في سلوكنا في الحياة بحيث إن الذي يقرأ هذا التسبيح أو يقدم على أن عمل في حياته