الذي يأتينا من النبي وأهل بيته، وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين، والتسعة المعصومون، من ذرية الحسين (عليهم السلام).
أقول: الحديث الذي يأتينا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، يأتي حديثا لهم نور هو من نور القرآن، بل إننا نجد حديثهم يتعانق مع القرآن عناقا طويلا، في مودة وإخلاص.. فليس هناك حديث عن أهل البيت يخالف القرآن أبدا.. ومن هنا جاء حديث الثقلين الشهير الذي تذكره كل كتب الصحاح والحديث بدءا من صحيح البخاري ومسلم، مرورا بصحيح الترمذي والنسائي وابن ماجة وأبي داود، وانتهاء بمسند بن حنبل والصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني... كل هذه الكتب قد أجمعت واتفقت على كلمة واحدة وهي: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي، وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما، أي الكتاب والعترة لن يفترقا حتى يردا على الحوض ".
والآن وبعد هذه الجولة السريعة في رحاب التسبيح، وبعد هذه السباحة في شاطئ تسبيح الصديقة فاطمة الزهراء - صلوات الله وسلامه عليها - فإنه يجدر بنا أن نرجع إلى معالم هذا التسبيح الذي أصبح شعارا يرفعه المناضلون، والمجاهدون في وجوه الطغاة والجلادين.. بل إن هذا التسبيح - أعني تسبيح الزهراء - قد جمع كل مناهج الإنسان المؤمن في، الحياة فهو يبدأ بالله أكبر.. ثم الحمد لله وينتهي بسبحان الله. وهذه هي مناهج المؤمن ومعالم الإيمان في الأرض. أن تبدأ بسم الله.. وتعتقد أن الله أكبر من كل شئ في هذا الوجود، أنه أكبر من المال، وأكبر من السلطان، وأكبر من الأهل، والنفس، والحياة، وإذا كان أكبر من كل هذه الأشياء، فمعنى ذلك أنك تكون على أهبة الاستعداد لأن تضحي بنفسك وأهلك، ومالك وكل غال ونفيس في سبيل كلمة " الله أكبر ".. ومن هنا ندرك السر المكنون الذي جعل الصديقة الزهراء تذهب إلى قبر الحمزة سيد الشهداء وتصنع من تراب قبره حبات لمسبحتها، وكأنها بهذا العمل تلقنا درسا لا ننساه أبدا، وهو أن كلمة الله أكبر التي جاءت في أول تسبيح الزهراء، هذه الكلمة لا يحفظها إلا الشهداء، ولا يحصنها من غائلة العوادي إلا دماء الشهداء... إن كلمة الله أكبر.. تعني الصدق والوفاء والإخلاص، والشجاعة والعفة والزهد، والشرف