وأكمل منه بما هو نبي، لأن ولايته جنبته الحقانية واشتغاله بالحق ونبوته وجهه الخلقي وتوجيه إليهم. ولا شك في أن الأولى أشرف لكونها أبدية، بخلاف الثانية فإنها منقطعة. فإذا سمعتم يقولون: الولاية أفضل من النبوة، فيعنون ذلك في شخص واحد وهو: أن النبي من حيث هو ولي أفضل من حيث هو نبي لا الولي التابع، هذه بعض التعارف في معنى النبوة والولاية في كلمات القوم وهناك تعاريف متقاربة اللفظ والمعنى حاصلها يرجع إلى الولاية الحقيقية التي بيناها، فما ذكرنا من التعاريف يشير إلى تعريفها الحقيقي الوجداني الجامع ولكن معلوم لدينا أن أحاديثهم عليهم السلام من الصعب المستصعب، وأن بعض الأحاديث المأثورة تشير إلى حقيقة ولايتهم التي منحها الله تعالى إياهم وهي من غوامض أسرارهم ومعارفه، فأصل حقيقتها لم يحتملها أحد بل هي أمر مخصوص بهم، وربما منحوا بعض شؤونها للأولياء الخلص، إذن فأصل الولاية لم تظهر حقيقتها لأحد، وأما ما سمعت من التعاريف لها فهي التي عرضها كل منهم على حسب دركه وإلا فحقيقتها بعد مبهمة علينا والوجه في ذلك عدم قابليتنا لدركها كما أشير إليه في بعض الأحاديث، ففي البصائر عن جابر قال عليه السلام يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم. وفي حديث مفضل في البصائر قوله عليه السلام: فأحسن الحديث حديثنا، لا يحتمل أحد من الخلائق أمره بكماله حتى يجده، لأنه من حد شيئا فهو أكبر منه. ولذا ترى الأئمة عليهم السلام إنما بينوا ولايتهم المطلقة التكوينية ببيان آثارها أما علما أو عملا أما الأول: فكا الأحاديث الواردة في بيان شؤون ولايتهم بالسنة وهي مختلفة التي منها الزيارة الكبيرة.
وأما الثاني: فكالمعجزات التي صدرت عنهم فإنها تحكي حقيقة ولايتهم التكوينية وهي أكثر من أن تحصى وقد ذكر كثيرا منها السيد السند السيد هاشم البحراني رضي الله عنه في كتاب مدينة المعاجز، فراجع.
وهكذا القرآن الكريم أيضا فإنه سبحانه وتعالى بين فيه غالبا ولاية أوليائه بأفعالهم الغريبة التي أقدرهم الله عليها، وكما سيأتي بيان ذلك.
* الولاية التكوينية يمكن أن تعرف بأنها: القدرة والقابلية على التصرف في التكونيات مطلقا من قبل النبي والأوصياء عليهم السلام وبإذن الله تعالى وليست بالاستقلال