حصول النباتات، ومن النباتات حصول الحيوانات، ومن الحيوان حصول الإنسان، ومن الإنسان حصول الأرواح، ومن الأرواح الناطقة حصول خليفة الله في الأرض كما قال الله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة). فالنبي لا بد من أن يكون آخذا من الله، متعلما من لدنه، معطيا لعباده، هاديا لهم، فهو واسطة بين العالمين سمعا من جانب ولسانا إلى جانب، وهكذا حال سفراء الله إلى عباده وشفعاء يوم تناده، فلقلب النبي بابان مفتوحان: باب مفتوح إلى عالم الملكوت، وهو عالم اللوح المحفوظ، ومنشأ الملائكة العليمة والعملية، وباب مفتوح إلى القوى المدركة، ليطلع على سوانح مهمات الخلق، فهذا النبي يجب أن يلزم الخلائق في شرعه الطاعات والعبادات، ليسوقهم بالتعويد عن مقام الحيوانية إلى مقام الملكية، فإن الأنبياء رؤوس القوافل.
وقال في الفرق بين النبوة والولاية: اعلم أن النبوة وضع الآداب الناموسية والولاية كشف الحقائق الإلهية، فإن ظهر من النبي تبين الحقائق فهو بما هو ولي، فإن كل نبي ولي ولا عكس، لأن النبي كمرآة لها وجهان: وجه إلى الخلق، ووجه إلى الخلق، فولايته من وجهه إلى الحق، ونبوته من وجهه إلى الخلق.
وقيل: النبوة وضع الحجاب، والولاية رفع الحجاب، لأن دفع الفساد أهم في نظر النبي، وهو لا يتأتى إلا بوضع الحجاب.
وفي شرح الصحيفة السجادية على منشيها آلاف الثناء والتحية ما ملخصه: الولي فعيل:
بمعنى المفعول، وهو من يتولى الله أمره كما قال تعالى: ﴿وهو يتولى الصالحين﴾ (1) وقيل: بمعنى الفاعل أي الذي يتولى عبادة الله، ويوالي طاعته من غير تخلل معصية، وكلا الوصفين شرط في الولاية.
وقال المتكلمون: الولي من كان آتيا بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل، وبالأعمال الشرعية، والتركيب يدل على القرب، فكأنه قريب منه تعالى لاستغراقه في أنوار معرفته وجمال جلاله.
وقيل في بيانه: الولي من يتولي الله تعالى بذاته أمره، فلا تصرف له أصلا إذ