أعيد منهما والقرآن لا يمل؟ فيجيب: لأن القرآن حجة على أهل العصر الثاني كما هو حجة على أهل العصر الأول، فكل طائفة تراه عصرا جديدا، ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مدة علوما غضة، وليس هذا كله في الشعر والخطب.
ويقول المفضل: قلت: أخبرني عن قول الله عز وجل: (وجعلها باقية في عقبه) قال: يعني بذلك الإمامة، جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة. فقلت: فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد حسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى. ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك، فإن الإمامة خلافة الله عز وجل جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن، لأن الله هو الحكيم في أفعاله، لا يسأل عن فعله وهم يسألون.
ويعلن الإمام رأيه بوجوب الإمامة، فيسأله السائل عن منزلة الأئمة ومن يشبهون؟
فيقول: كصاحب موسى وذي القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.
وفي قوله تعالى (يمحو الله ما يشاء ويثبت) يقول الإمام: وهل يمحو الله إلا ما كان ثابتا، وهل يثبت الله إلا ما لم يكن، ويقول: لم علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه. وإنما يقصد استجابة الله لدعاء العباد، وفي ذلك قوله:
ما عظم الله بشئ مثل البداء.
ويسأله عمرو بن عبيد عن الكبائر من كتاب الله، فيسردها، ويضع في جوار كل كبيرة النص عليها من الكتاب العزيز، فهي:
الشرك: (إن الله لا يغفر أن يشرك به).
اليأس من روح الله: (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
عقوق الوالدين: (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا).
قتل النفس: (من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها).