فدخلت معهم، فلما صرت عنده قلت:
يا بن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني تركت فيها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم!
فقال: لا يقبلون مني.
فقلت: ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله؟
فقال الصادق: أنت أول من لا يقبل مني، دخلت بغير إذني، وجلست بغير أمري، وتكلمت بغير رأيي، وقد بلغني أنك تقول بالقياس.
فقلت: نعم أقول به.
فقال: ويحك يا نعمان أول من قاس إبليس حين أمر بالسجود لآدم فأبي وقال:
(خلقتني من نار وخلقته من طين) أيهما أكبر يا نعمان القتل أم الزنا؟ قلت: القتل.
قال: فلم جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة؟ أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.
قال: فأيهما أكبر البول أو المني؟ قلت: البول. قال: فلماذا أمر في البول بالوضوء وأمر في المني بالغسل، أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.
قال: أيهما أكبر الصلاة أم الصوم؟ قلت: الصلاة: فلم وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ أيقاس ذلك؟ قلت: لا.
قال: فأيهما أضعف المرأة أم الرجل؟ قلت: المرأة. قال: فلم جعل الله للرجل سهمين في الميراث وللمرأة سهما؟ أيقاس ذلك؟ قلت: لا.
قال: وقد بلغني أنك تقرأ آية من كتاب الله (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) أنه الطعام الطيب والماء البارد في اليوم الصائف. قلت: نعم. قال: لو دعاك رجل وأطعمك وسقاك ماء باردا ثم امتن عليك، ما كنت تنسبه إليه؟ قلت: البخل. قال:
أفبخل علينا؟ قلت: فما هو؟ قال: حبنا أهل البيت.
طعم أبو حنيفة يوما مع الإمام الصادق فرفع الإمام يده حمدا لله ثم قال: اللهم هذا منك ومن رسولك. قال أبو حنيفة: يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكا؟ قال الإمام: إن