للحسين عقب إلا من ولده زين العابدين، وهو أحد الأئمة الاثني عشر من سادات التابعين. وأمه سلامة بنت يزدجرد آخر ملوك فارس - إلى أن قال: وكان يقال لزين العابدين " ابن الخيرتين " لقوله صلى الله عليه وآله " لله تعالى من عباده خيرتان:
فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس ".
قال الزمخشري في ربيع الأبرار: إن الصحابة لما أتوا بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد، فباعوا السبايا وأمر عمر ببيع بنات يزدجرد أيضا، فقال علي بن أبي طالب: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة بنات السوقة. قال:
فكيف الطريق؟ قال: يقومن ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن، فقومن وأخذهن علي عليه السلام ودفع واحدة لعبد الله بن عمر وأخرى لولد نفسه الحسين بن علي والأخرى لمحمد بن أبي بكر الصديق، فأولد عبد الله أمته سالما وأولد محمد أمته قاسما وأولد الحسين أمته زين العابدين، فهؤلاء الثلاثة بنو خالة أمهاتهم بنات يزدجرد.
قال المبرد عن قرشي: كنت عند سعيد بن المسيب فقال لي: من أخولك؟ فقلت:
أمي فتاة فكأني نقصت عن عينيه، فأمهلت حتى دخل عليه سالم بن عبد الله، فلما خرج من عنده قلت: يا عم من هذا؟ قال: سبحان الله أتجهل هذا؟ هو سالم بن عبد الله. قلت:
فمن أمه؟ قال: فتاة، ثم أتاه القاسم بن محمد بن أبي بكر قلت: فمن أمه؟ قال: فتاة.
قال: فأمهلت حتى جاء زين العابدين فسلم عليه ثم نهض، فقلت: يا عم من هذا؟ قال:
هذا الذي لا يسع مسلما أن يجهله، هذا علي بن الحسين، قلت: من أمه؟ قال: فتاة.
قال: [قلت:] يا عم رأيتني نقصت من عينيك لما علمت أن أمي فتاة، فما لي في هؤلاء أسوة؟ فجللت في عينيه جدا.
وكان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم زين العابدين والقاسم وسالم، وكان زين العابدين كثير البر بوالدته، حتى قيل له: إنك أبر الناس بأمك ولم نرك تأكل معها في صحفة. فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه