وهذا مبدأ عام من مبادئ التشريع الاسلامي لا يختص بمذهب دون مذهب، بل أن فقهاء المسلمين قد تسامحوا أكثر من ذلك، قال صاحب المغني ج 8 ص 132 " من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة، ومن بعدهم، واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى الله، ومع ذلك لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأولهم ".
وإذا كان الفقهاء يقرون ما في أيدي غير المسلمين من أنظمة وقوانين تخالف الشريعة الإسلامية، ولا يحكمون بتكفير الخوارج الذين كفروا الصحابة.
استحلوا دماء المسلمين وأموالهم، لأن عقيدتهم تبيح ذلك لهم، فكيف يسوع لمسلم أن يكفر طائفة تؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر، وتستمد أصولها وفروعها من كتاب الله وسنة نبيه، وتقول: من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله حقن ماله ودمه، كيف يكفرها مسلم، لأنها تخالف المذهب الذي ارتضاه لنفسه، أو ورثه عن آبائه، تخالف مذهبه في بعض شرائع الزواج والطلاق، أو بعض مسائل الإرث الرضاع!
إن مذهب الخوارج يخالف جميع المذاهب الإسلامية السنة والشيعة، ومع ذلك فقد عذروهم فيما اجتهدوا فيه فأخطأوا، إذن، بالأحرى أن تعذر طائفة إسلامية إذا خالفت المذاهب الأربعة في مسألة من مسائل الرضاع أو الإرث.
مستندة إلى آية أو رواية.
إن الشيعة الإمامية لم يتقيدوا بمذهب من المذاهب الأربعة، وإنما اتبعوا طريقة الأصحاب والتابعين في استخراج الأحكام من الكتاب والسنة، فكل ما أدى إليه الكتاب والسنة فهو حجة عندهم، ولو خالف جميع المذاهب، لأن قول الله ورسوله فوق الأقوال كافة، أي أن الفقيه الإمامي يعمل بما أدى إليه نظره وفهمه لأصول الشريعة، لا بما فهمه فقهاء السنة أو الشيعة.