دول الشيعة أشرنا في مطاوي ما تقدم إلى أن الفتوح الإسلامية كان القصد الأول منها السيطرة، وامتداد السلطان، وإيجاد أرض للمسلمين يعيشون فيها أغنى من أرضهم، وتربة أخصب من تربتهم، وأن انتشار الإسلام يستند قبل كل شئ إلى تعاليمه ومبادئه الإنسانية، وإذا كان للدولة من تأثير فهو التمهيد والتيسير، حيث لا يعيش معتنقو الدين الجديد في قلق وخوف من أجل دينهم وعقيدتهم.
اللهم إلا إذا اعتنقوا مذهب التشيع، وأعلنوا الولاء لعلي وأهل بيته، بخاصة في عهد الأمويين.
حاول الأمويون القضاء على التشيع كلية، وأراد العباسيون أن يحدوا من نموه وانتشاره بعد العجز واليأس عن استئصاله، ولكنه نما وازدهر، رغم هذه العوائق، ثم مضى الزمن، وقامت هنا وهناك دول للشيعة، منها دولة الأدارسة في المغرب ودولة العلويين في الديلم، والبويهيين في العراق وغيرها، والحمدانيين في سورية، والفاطميين في مصر، والصفويين في إيران.
وسنشير فيما يلي إلى كل واحدة من هذه الدول، وما كان لها من تأثير في انتشار التشيع، والموضوع، كما ترى، طويل عريض، يقتضي بحثا مفصلا.
ولكنا سنكتفي بالقدر الذي يجعل القارئ على علم بمكان هذه الدول في التاريخ.