كتب السنة وعلماء الشيعة، إن اطلاع كل فريق على ما عند الآخر من أقوى البواعث على تمهيد السبيل للتقريب بين الإخوة، من حيث يريدون أو لا يريدون.
وبعد هذا التمهيد الطويل الممل انتقل بالقارئ الصبور المحتسب إلى بعض الأمثلة من اجتهادات الشيعة الإمامية.
شهادة أهل المذاهب والملل.
قال الشهيد الثاني في كتاب المسالك باب الشهادات (1): " اتفق أصحابنا على أنه لا تقبل شهادة غير الشيعي الاثني عشري، وإن اتصف بالاسلام، وفيه نظر، لأن الشرط في قبول الشهادة أن لا يكون الشاهد فاسقا، والفسق إنما يتحقق بفعل المعصية، مع العلم بكونها معصية، أما مع اعتقاد أنها طاعة، بل من أهم الطاعات، فلا يكون عاصيا، ومن خالف الحق في الاعتقاد لا يعتقد المعصية، بل يزعم أن اعتقاده من أهم الطاعات، سواء أكان اعتقاده صادرا عن نظر أم تقليد، وبهذا لا يكون ظالما، إنما الظالم من يعاند الحق مع علمه به، وهذا لا يتحقق في جميع أهل الملل مع قيامهم بمقتضاها بحسب اعتقادهم ".
وهذا القول يتفق مع أصول الشيعة، حيث يثبتون أحكام الشريعة بحديث من خالفهم في الاعتقاد، إذا اجتنب الكذب ففي كتاب نهج المقال للبهبهاني (ص 5) وغيره من كتب الرجال " إن مشايخ الإمامية يوثقون المخطئين في الاعتقاد، كما يوثقون المصيبين من غير فرق، فيقبلون حديثهم، ويسمونه الموثق ".
إن هذا الاجتهاد الذي خالف فيه الشهيد الثاني علماء مذهبه أجمعين مع علمه واعترافه بوجود هذا الإجماع لهو خير شاهد على أنه باستطاعة الإنسان أن يتحرر من قيود البيت والمدرسة، وتقاليد الآباء والأجداد، وعلى أن سلطان العقل النير