التقية والبداء والرجعة والجفر ومصحف فاطمة بين السنة والشيعة أثبتنا في فصل سابق أن الشيعة الإمامية يقولون بأن الإمامة تكون بالنص، لا بالانتخاب، وإنهم يوجبون العصمة للإمام، وإنهم يستدلون على هذين الأصلين بأحاديث صحيحة ثابتة عند السنة والشيعة، وأيضا عرفنا أنهم أبعد الفرق عن الغلو والمغالين، وإنهم لا يدعون لأئمتهم علم الغيب، ولا الإيحاء والإلهام، وإن من نسب إليهم شيئا من ذلك فهو جاهل متطفل، أو مفتر كذاب، وإن علوم الأئمة - في عقيدة الشيعة - يحدها كتاب الله وسنة نبيه.
ولكن نسب إلى الشيعة الإمامية القول بالتقية والبداء والرجعة، وأطلقت في وجوههم صرخات الكفر والزندقة من أجلها. فهل هذه النسبة صحيحة؟
ثم ما معنى هذه الألفاظ، ومدلولاتها على التحقيق؟ وبالتالي، هل يستدعي القول بهذه المبادئ الكفر والخروج عن الإسلام؟
وإليك الجواب الصريح.
التقية:
أما التقية فقد قال بها الشيعة الإمامية، وبحثوها مطولا في كتبهم الفقهية (1) وفرعوا عليها مسائل كثيرة، واستدلوا على تشريعها وجوازها بالكتاب والسنة والعقل.
ومعنى التقية التي قالوا بها إن تقول أو تفعل غير ما تعتقد، لتدفع الضرر عن نفسك، أو مالك، أو لتحتفظ بكرامتك، كما لو كنت بين قوم لا يدينون بما تدين، وقد بلغوا الغاية في التعصب، بحيث إذا لم تجارهم في القول والفعل