نحو فقه إسلامي في أسلوب جديد * إن من تتبع آيات الأحكام وأحاديثها، وتدبر معانيها وأسرارها يرى أن التشريع الاسلامي يرتكز على أصول ومبادئ عامة هي:
الحرية، وحقن الدماء، وصيانة الفروج والأموال، واحترام العقائد وعدم الضرر والحرج، والوفاء بالعهد، وحفظ النظام، وعقوبة الجاني، وتغريم المعتدي، وعدم الغش والخيانة، وإباحة الطيبات، وتحريم الخبائث، مراعاة العقل والعدل، ودرء المفاسد، وجلب المصالح، وفصل الخصومات، بالصلح والحسنى مع الإمكان، وإلا فبالقوة على أساس الحق، والأخذ بالمعرف مع عدم وجود النص المعاكس والمساواة بين الناس جميعا، وما إلى ذلك مما تستدعيه الحاجة، ويفرضه الظرف، ويقره المنطق السليم.
إن هذه المبادئ هي الأسس الثابتة للتشريع الحديث، والمصادر الأولى التي يستقي منها المشرع العصري أحكامه وأراءه، وأسس راسخة لا تتغير بتغير الزمن، ولا تتبدل بتبدل الأحوال، وإنما تتطور الأسباب والحاجات التي تمثل هذه المبادئ. فقبل عصر الآلة كان العرف يعتبر قيودا وشروطا في البيع والتجارة لا تتم بدونها، وبعد أن زاد الانتاج، وتطورت وسائل النقل، واتسعت حدود التجارة وأسبابها برا وبحرا لم تعد تلك القيود مرعية عند العرف، وأصبح التاجر الشرقي يشتري من التاجر الغربي الصفقات الكبرى بهاتف أو برقية، ويتم البيع بينهما قبل استلام المثمن وقبض الثمن، ثم يبيع الشرقي هذه الصفقات بالوسيلة نفسها، فالشرع - والحالة هذه - يلغي الشروط التي كانت معتبرة قبلا، ويلزم