أمضي على دين النبي معنى الحي سؤال، قد يبدو للوهلة الأولى غريبا.. وهو ما معنى هذا حي، وذاك ميت؟.
ووجه الغرابة أن معنى الحي معروف، وكذلك معنى الميت.. ومع التأمل يتضح أن هذا السؤال وجيه.. وإليك البيان:
إن لكل فرد من أفراد الإنسان واقعا يعيش فيه، وهو عمله بالذات، وقد يقتصر هذا العمل على صاحبه، ولا يتعدى أثره إلى غيره وقد يتجاوزه، وينتفع به الآخرون.. والأول حي بالاسم، ميت بالفعل - وإن أكل وشرب - ما دام لا يحس أحد بوجوده، والثاني حي بآثاره الباقية، يمتد وجوده بوجودها، وإن صار ترابا وعظاما.
إن محمد (ص) الذي اقترن اسمه باسم الله في المعابد والمعاهد، وفي الصلوات والدعوات في كل زمان ومكان، إن محمدا باق ببقاء الله، وكذلك أهل بيته الذين نزلت بهم آية المودة والتطهير أحياء ما دام لكتاب الله، وسنة نبيه أنصار وأتباع... وكل من ترك أثرا من قول أو فعل ينتفع الناس به مباشرة أو بالواسطة فهو موجود، وكل من خرج من هذه الحياة كما دخلها أول مرة فهو أبتر وعقيم، وعبث زائد.
فمن غرس شجرة، أو بني بيتا، أو شق طريقا، أو اخترع آلة، أو اكتشف نظرية، أو ألف كتابا، أو نشر مقالا، أو ألقى خطابا ينير العقول والأفكار، أو يثير العواطف، ويتجه بها نحو الخير، كل أولاء، ومن إليهم، باقون ما دامت آثارهم تحيا وتتحرك من بعدهم.