من اجتهادات الإمامية * منذ سنوات، وأنا أنشر بين حين وحين مقالات رجوت فيها شيوخ المسلمين من سنيين وشيعيين أن لا يحصر كل فريق دراسته الفقهية في مذهب آبائه وأجداده.
ولم يكن الباعث لي على تأكيد هذا الرجاء الرغبة في التقريب بين المذاهب الإسلامية فحسب، وإن كنت من المتطوعين في هذي السبيل، وإنما غرضي الأول أن يرتكز درس الشريعة الإسلامية على أساس إسلامي صرف، لا مذهبي، كي لا تلون الشريعة بلون يخفي جمالها وحقيقتها، ويجنس بجنسية تقيم الحدود والسدود بين بني الإنسان، بل بين أبناء الدين الواحد.
لقد نشأت المذاهب، وتعددت بعد الإسلام ونبي الإسلام، نشأت في ظروف سياسية، لغاية دنيوية، تهدف إلى التفريق والشتات، نشأ الإسلام في ظرفه الطبيعي، لغاية إنسانية تهدف إلى الإخاء والمساواة، فالتعصب لفقه مذهب خاص تعصب للسياسة المحترفة التي تمخضت عن ذلك المذهب.
إن الشريعة الإسلامية لم تستخرج من الوهم والخيال، بل لها أصول مقررة لا يختلف عليها مسلمان، مهما كان مذهبهما، وإنما الخلاف والجدال بين المذاهب حصل فيما يتفرع عن تلك الأصول، وما يستخرج منها، فالعلاقة بين أقوال المذاهب الإسلامية هي العلامة بين الفرعين المنبثقين عن أصل واحد.
ونحن إذا أردنا معرفة أن هذا المذهب على حق في أسلوبه واستخراج الحكم من مصدره دون سائر المذاهب، فعلينا أن نلاحظ جميع الأقوال المتضاربة حول