التعبد به، وما كان من النوع الثاني فلا يجب أما التصديق والإيمان بأن النبي كان يسمع ويرى وهو نائم، كما يسمع يرى وهو مستيقظ، وأنه يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وأنه عالم بجميع اللغات، وأنه أول من تنشق عنه الأرض، فليس من ضرورات الدين ولا المذهب.
ويكفي من المعاد الاعتقاد بأن كل مكلف يحاسب بعد الموت على ما اكتسبه في حياته، وأنه ملاق جزاء عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، أما إنه كيف يحاسب العبد؟ وعلى أية صورة بالتحديد يكون ثواب المحسن، وبأي لون يعاقب المسئ؟ فلا يجب التدين بشئ من ذلك، فالتوحيد، والنبوة، والمعاد، دعائم ضرورية لدين الإسلام، فمن أنكر واحدا منها، أو جهله فلا يعد مسلما شيعيا، ولا سنيا.
أما الفروع التي هي من ضرورات الدين، فهي كل حكم اتفقت عليه المذاهب الإسلامية كافة من غير فرق بين مذهب ومذهب، كوجوب الصلاة والصوم، والحج، والزكاة، وحرمة زواج الأم والأخت، وما إلى ذلك مما لا يختلف فيه رجلان من المسلمين، فضلا عن طائفتين منهم، فإنكار حكم من هذه الأحكام إنكار للنبوة، وتكذيب لما ثبت في دين الإسلام بالضرورة.
والفرق بين الأصول والفروع الضرورية، أن الذي لا يدين بأحد الأصول يكون خارجا عن الإسلام، جاهلا كان أم غير جاهل، أما الذي لا يدين بفرع ضروري، كالصلاة والزكاة، فإن كان ذلك مع العلم بصدوره عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فهو غير مسلم، لأنه إنكار للنبوة نفسها، وإن كان جاهلا بصدوره عن الرسالة، كما لو نشأ في بيئة بعيدة عن الإسلام والمسلمين، فلا يضر ذلك بإسلامه إذا كان ملتزما بكل ما جاء به الرسول، ولو على سبيل الاجمال، فالتدين بالأصول أمر لا بد منه للمسلم، ولا يعذر فيها الجاهل، أما إنكار الأحكام الفرعية الضرورية فضلا عن الجهل بها، فلا يضر بإسلام المسلم إلا مع العلم بأنها من الدين، فالإمامة ليس أصلا من أصول دين الإسلام، وإنما هي أصل لمذهب التشيع، فمنكرها مسلم إذا اعتقد بالتوحيد والنبوة، والمعاد، ولكنه ليس شيعيا.