العيد * إن الأعياد لا تختص بأمة دون أمة، ولا بدين دون آخر، فنجدها جلية واضحة في تاريخ الأمم والأديان جميعا. وتنقسم الأعياد إلى دينية وشعبية، وأعياد خاصة ليست بشعبية ولا دينية، بل هي في نظر الأديان بدعة وضلالة، وعند الشعوب سخف وجهالة، كالاحتفال بتتويج ملك ليس له أثر يذكر، ولا منقبة تشكر، والغبطة بمثل هذا العيد لا تتعدى المتوج وأسرته، فإذا زال النفوذ والسلطان، وجاءت الأعياد كانت عليهم عذابا وحسرات.
ويلاحظ أن العرب يهتمون ويحتفلون بالأعياد الدينية أكثر من الأعياد الشعبية، على عكس الغربيين الذين يهتمون بالأعياد الشعبية أكثر من غيرها، ولعل السر أن الشرق مصدر الأديان، وأن العرب لم يستردوا بعد كامل حقوقهم وسيادتهم، وسالف عزهم ومجدهم.
ومهما يكن فإن الأعياد الدينية تختلف باختلاف البواعث والأسباب، فعيد الميلاد يرمز إلى المودة والرحمة والانسانية التي دعا إليها السيد المسيح، ومولد النبي العربي من الذكريات الخالدة التي لها أعظم الأثر في تاريخ الإنسانية، فقد كان مولده إيذانا بانتهاء عهد الجاهلية والاستبداد، وبزوغ عهد الحضارة والحرية.
والحكمة من عيد الهجرة النبوية أن يلتفت المسلمون إلى الماضي ليجددوا وحدتهم، ويعملوا يدا واحدة لأنفسهم لا لغيرهم، ويناضلوا بروح التضحية والاخلاص في سبيل مبادئهم القومية، وإرجاع مجدهم، وإحياء تراثهم، ويحرروا بلادهم وعقولهم من كل قيد يعيقهم عن السير في طريق الحرية والحياة وهذا العيدان المولد والهجرة لم يكونا معروفين في عهد الرسول، ولا