كاشف الغطاء الكبير والمصلون * إن من يدعي الاصلاح دينيا كان أو سياسيا لا يكون مصلحا حتى ينكر ذاته، وينسى شخصيته، فيحاسب نفسه وأهله وولده، وكل من يلوذ به قبل أن يحاسب الناس، وأن من تظاهر بالصلاح والاصلاح، وعمل في الخفاء لحساب شهواته وملذاته فهو مراء منافق، وظالم لئيم.
إن نكران الذات هو الأساس الوحيد الذي يجب أن تبني عليه دعوة الداعين إلى الخير والصالح العام.
كان المغفور له الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء المتوفى في أوائل القرن التاسع عشر المرجع الأول للشيعة، وكان الاقبال عليه عظيما من جميع الطبقات، وكان الناس يجتمعون الوفا للصلاة خلفه، وفي ذات يوم تجمع الناس في المكان الذي يصلي فيه الشيخ ينتظرونه كالمعتاد، ولما أبطا عن ميعاده قام كل واحد إلى صلاته يؤديها منفردا. ودخل الشيخ فرآهم على هذه الحال، فغاظته هذه النزعة الفردية، وهذا الانحلال، فوبخهم قائلا: لماذا لم تختاروا رجلا منكم يؤمكم في الصلاة؟ ثم قصد رجلا عاديا يصلي في طرف المسجد، فاقتدى به، وصلى خلفه.
ربما كان تأخير الشيخ عن قصد وعمد، ليرى ما هم صانعون، إذا غاب هو عنهم، فلما رأى شتاتهم وتفككهم أنكر عليهم وضرب لهم من نفسه مثلا حيا لنكران الذات، واقتدى برجل عادي.
رأى الشيخ من إقبال الناس عليه، وثقتهم به، وتعظيمهم له، ما أخافه،